لا يعرف على وجه الدقة متى بدأ استخدام الزيوت العطرية في العلاج ولكن هناك مؤشرات كثيرة على أن أغلب الحضارات القديمة قد استخدمت الزيوت العطرية وعرفت فوائدها العلاجية، ويقال بأن الفراعنة أول من استخدم الزيوت العطرية في العلاج وتقوية الأبدان، وقد كانوا يدلكون جسمهم بها بعد الاستحمام، وكانوا يستخدمون زيت الكمون قبل الممارسة الجنسية لإنجاح الحمل، وتظهر المنحوتات والرسوم على المعابد والمقابر الفرعونية ذلك الاستعمال، كما وجد مكتوبا على الأوراق البردية المصرية أسماء زيوت وعلاجات للعديد من الأمراض، وفي الحضارات اليمنية القديمة استعمل اليمنيون الزيوت العطرية وكانت ممارسة يومية دائمة واستخدمت النساء المسك والعنبر والعديد من الزيوت العطرية التي تعطي الجسد الانتعاش والصحة، وكذلك أستعمل الصينيون طب الزيوت العطرية في حقب تاريخية قديمة وفي زمن يقارب زمن الفراعنة.
كذلك تابع الإغريق إستعمال الزيوت العطرية للطبابة والتجميل، ولما اجتاح مرض الطاعون بلاد أثينا القديمة أمر أبقراط بحرق الورود والنباتات العطرية على زوايا الشوارع لمنع الوباء من الانتشار، فقد كان أبقراط على علم بأن الزيوت العطرية المنطلقة من تلك النباتات والورود لها دور فعال في مكافحة انتشار المرض.
ومن ثم أخذ الرومان معظم المعارف الطبية من الإغريق، وحاولوا تحسينها، وصارت عادة عندهم غسل اليدين بعد الطعام في أوعية ممتلئة بالماء والورود، كما كانوا يستعملون هذه الوصفة طوال النهار لغسل الوجه واليدين وسائر الجسم لإزالة رائحة العرق، وقد اشتهروا بوضع أكاليل الزهور على الرأس لعلاج الصداع وللزينة أيضا.
أما عن دور العرب، فلقد طور إبن سينا هذا العلم وقدم له أهم المنجزات التي تمثلت باستعمال عملية التقطير واستخراج الزيت الصافي المركز ليضعه في قوارير صيدلية لاستعماله في معالجة مختلف الأمراض، كما تمكن إبن سينا من تقطير الكحول لتخفيف كثافة الزيت قبل وضعه على الجلد.
وفي القرن العشرين، كان الكيميائي الفرنسي (رينيه موريس جاتيفوس) أول من أجرى الأبحاث على الزيوت العطرية الطبية، وفي تجربة ما إحترقت يده في المختبر، فوضعها في زيت ورد الخزامى، فكانت دهشته شديدة عندما تعافت يده من الحروق بسرعة.
وحسب “مشروع تطوير سلسلة القيمة للنباتات الطبية والعطرية” احتلت مصر في السابق المركز الأول في إنتاج عجينه الياسمين، أما الآن فمن أهم النباتات التي يتم تقطيرها في مصر نبات العتر، والريحان، وشيح البابونج، والبقدونس، والكزبرة والكمون والتي يتم تصدير كميات كبيرة منها حيث تحتل ألمانيا المركز الأول في استيراد هذه النباتات وزيوتها العطرية، وتأتي مصر في المركز الرابع عالمياً في مجموع صادرات الزيوت العطرية والطبية عالمياً حيث تسبقها الهند التي تحتل المركز الأول في الدول الموردة في العالم، وأيضا الصين، وتركيا، وهولندا، والمغرب، ويوغسلافيا، وأسبانيا، وإيران وبولندا من الدول الرائدة في هذا المجال، بالرغم من ذلك فإن هذا القطاع في مصر لا يزال تحت الإنشاء من وجه النظر الشاملة، حيث هناك افتقار إلى الكثير من التقنيات والمعلومات التي تمكن من استخدام كل طاقاتها ومواردها وقدراتها البشرية المادية والعلمية في هذا القطاع على النحو الأمثل بغرض تحديث وتطوير المجالات المكملة القائمة على تلك الصناعات.