جاء الإسلام وأقر ممارسة الحجامة؛ كان ذلك قبل الهجرة في حادثة الإسراء والمعراج؛ أخرج الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدَّث رسول الله صلى الله عليه وسلم عنْ ليلة أُسْري به أنَّه: ﴿لم يمرَّ بملأ من الملائكة إلا أمروه: أنْ مُرْ أمَّتكَ بالحجامة﴾، وتداوى الرسول صلى الله عليه وسلم بالحجامة وأثنى عليها وحث وأوصى المسلمين بها فقال كما ورد في الصحيحين عن أنس بن مالك: (خير ما تداويتم به الحجامة)، وغيرها الكثير من الأحاديث النبوية التي وردت في كُتبِ الأحاديث، كما حُدِدت المواضع التي احتجم عليها النبي محمد عليه الصلاة والسلام وأصبحت علماً يُنتفعُ به ودونت في كتب الطب النبوي تحت مسمى الحجامة النبوية.. وهكذا نجد أن الرسول قد أحيا الحجامة وطبَّقها بأصولها وله الفضل في سنِّها للمسلمين وللعالمين أجمعين.
في عصر الصحابة والتابعين والعصور اللاحقة استمر استخدام الحجامة في الوقاية والعلاج، وزادت مواضعها وتطورت بعض وسائلها على يد العلماء المسلمين مثل ابن سينا والزهراوي وابن القيم وابن القف وموفق الدين البغدادي وغيرهم الكثير، ودُوِنت منافعها واستطباباتها واستخداماتها في كتبهم الطبية، وانتقل العلاج بالحجامة إلى أوربا عن طريق المسلمين في مدارس الأندلس الطبية بالكيفية التي وضع أسسها معلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، وظل العمل بها منتشراً حتى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، عندما بدئت تترك مكانها تدريجيا للطب الحديث في أوربا ثم العالم بعدها، ظناً انها لم تعد مجدية في عصر الأدوية الكيميائية والذي سيكون هو البديل الذي سيحل المشاكل الطبية بصورة أفضل كما كانوا يعتقدون.