في الربع الأخير من القرن العشرين زاد اهتمام العلماء بالأبحاث المتعلقة بألبان الإبل، وأجريت مئات الأبحاث على أنواع الجمال وكمية الألبان التي تدرها في اليوم وفترة إدرارها للألبان بعد الولادة ومكونات لبن الإبل وفوائده الغذائية والعلاجية، وقد أكدت كل هذه الأبحاث والدراسات أهميته الكبرى في تغذية الإنسان وعلاجه من العديد من الأمراض، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على لطف الله بعباده وقدرته سبحانه وتعالى، فهو الذي أحسن خلق كل شيء في هذا الوجود، وصدق الله العظيم إذ يقول (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت)، وفي هذه الصفحة من موقع العلاج جمع الدكتور سليم طلال بعض الأبحاث والدراسات التي أجريت حول ألبان الإبل وأبوالها.
أكد مجموعة من العلماء بقسم علوم الأغذية بكلية الزراعة بجامعة الفاتح بليبيا، أن ألبان الابل هي الأفضل من حيث ثرائها بمكونات الغذاء وسلامتها تماماً، وقارن العلماء بين الخواص الحيوية للبن الناقة وبين ألبان الأبقار والأغنام، فوجدوا أن تناول ألبان الإبل لا يصيب الإنسان بأي أمراض نهائياً بعكس الأمراض التي تحدث بسبب منتجات الأبقار مثل مرض جنون البقر، كما أثبت العلماء أن حليب الابل يحتوي على كمية فائقة من فيتامين (ج) بما يعادل ثلاثة أمثال مثيله من ألبان الأبقار, في حين تصل نسبة (الكازين) إلى 70% من البروتين في ألبان الابل, الأمر الذي يجعله سهل الهضم والامتصاص مقارنة بحليب الأبقار الذي تصل النسبة فيه إلى 80%, وكشفت الدراسة أن نسبة الدهون في حليب النوق هي أقل منها في حليب الأبقار, فضلاً عن ذلك فان البان النوق تحتوي على مواد تقاوم السموم والبكتريا, ونسبة كبيرة من الأجسام المناعية المقاومة للأمراض خاصة للمولودين حديثاً، ويمكن وصف حليب الابل لمرضى الربو والسكري والدرن والتهاب الكبد الوبائي وقرح الجهاز الهضمي والسرطان، ولكن الدراسة العلمية كشفت عن مفاجأة أكبر, وهي احتواء ألبان الابل على نسبة عالية من المياه تتراوح بين (84% – 91%) وهي نسبة غير موجودة في أي نوع من الألبان الأخرى, وقد تجلت قدرة الله تعالى في دور هرمون (البرولاكتين) في عملية دفع المياه في ضرع الناقة لتزيد كمية المياه في اللبن, ولوحظ أن هذه العملية تتم في الإبل وقت اشتداد الحر التي يحتاج فيها مولودها الرضيع لهذه الكمية من الماء, وكذلك الإنسان العابر معها الصحراء إلى كميات متزايدة من المياه ليطفىء ظمأه، وأيضاً أثبتت التجارب العلمية أن حليب النوق يحتفظ بجودته وقوامه لمدة 12 يوماً في درجة حرارة (أم) في حين أن حليب الأبقار يحتفظ بخواصه لمدة لا تزيد على يومين في نفس درجة الحرارة.
وأبرزت دراسة علمية أهمية ألبان الإبل كبديل غذائي مهم عن الفواكه الطازجة والخضراوات الورقية، نظرا لغنى ألبان الإبل بالفيتامينات والمعادن اللازمة لسلامة صحة سكان البادية، ويقول الدكتور عبد العاطي كامل رئيس بحوث الأبقار بمركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة إن ألبان الإبل تحتوي على كمية فائقة من فيتامين (سي)، وهو الأمر الذي يجعل لألبان الإبل أهمية عظيمة لسكان المناطق الصحراوية التي لا توجد فيها الخضراوات الورقية الطازجة والفواكه، وأشار الدكتور عبد العاطي إلى أن معدلات الفيتامينات والمعادن في ألبان الإبل يزداد تركيزها مع التقدم خلال موسم الحليب الذي يمتد إلى 12 شهرا كاملا متفوقا بذلك على موسم الحليب في الأبقار والجاموس والذي لا يزيد عن 7 أشهر، وفي الأغنام 3 أشهر فقط، وأضاف أن نسبة الفيتامينات والأملاح في ألبان الإبل تصل إلى ثلاثة أضعاف ما في ألبان الأبقار ومرة ونصف ما في ألبان الأمهات من النساء، كما أن تركيزات فيتامين بي1 وبي2 في ألبان الإبل تتفوق على نظيرتها في ألبان الأغنام والماعز.
كما أوضحت الدراسات العديدة التي قام بها المختصين والعلماء أنَّ لبن الإبل يمتاز بميزات مناعية فريدة، حيث أنَّه يحتوي على تركيزات مرتفعة للغاية من بعض المركبات المثبطة لفعل بعض البكتريا الممرضة وبعض الفيروسات.
ويقول الباحث محمد أوهاج أن التحاليل المخبرية تدل على أن بول الجمل يحتوي على تركيز عالي من البوتاسيوم والبولينا والبروتينات الزلالية والأزمولارتي وكميات قليلة من حامض اليوريك والصوديوم والكرياتين، وأوضح أن ما دعاه إلى تقصي خصائص البول البعيري العلاجية هو أنه رأى أفراد قبيلة يشربون ذلك البول حينما يصابون باضطرابات هضمية واستعان ببعض الأطباء لدراسة البول الإبلي فأتوا بمجموعة من المرضى وسقوهم ذلك البول لمدة شهرين وكانت النتيجة أن معظمهم تخلصوا من الأمراض التي كانوا يعانون منها يعني ثبت علميا أن بول الجمال مفيد إذا شربته على الريق كما توصل أوهاج إلى أن بول الجمال يمنع تساقط الشعر.
كشف عميد كلية المختبرات الطبية بجامعة الجزيرة السودانية البروفسير احمد عبد الله احمداني عن تجربة علمية باستخدام بول ألإبل لعلاج أمراض الاستسقاء وأورام الكبد أثبتت نجاحها لعلاج المرضى المصابين بتلك الأمراض، وأضاف البروفسير احمداني في ندوة نظمتها جامعة الجزيرة أن التجربة بدأت بإعطاء كل مريض يوميا جرعة محسوبة من (بول الإبل) مخلوطا بلبنها حتى يكون مستساغا وبعد 15 يوما من بداية التجربة كانت النتيجة مدهشة للغاية حيث انخفضت بطون جميع أفراد العينة وعادت لوضعها الطبيعي وشفوا تماما من الاستسقاء.
وذكر احمداني أن تشخيصا لأكباد المرضى قبل بداية الدراسة قد جرى بالموجات الصوتية وتم اكتشاف أن كبد 15 مريضا من 25 تحتوي (شمعا) وبعضهم كان مصابا بتليف الكبد بسبب مرض البلهارسيا، واستطرد البروفسير احمدانى قائلا إن جميع المرضى استجابوا للعلاج باستخدام (بول الإبل) وبعض أفراد العينة من المرضى استمروا برغبتهم في شرب جرعات بول الإبل يوميا لمدة شهرين آخرين وبعد نهاية تلك الفترة اثبت التشخيص شفاءهم جميعا من تليف الكبد.
وتحدث البروفسير احمداني في محاضرته عن تجربة علاجية رائدة أخرى لمعرفة اثر لبن الإبل على معدل السكر في الدم استغرقت سنة كاملة وأثمرت الدراسة فيما بعد عن انخفاض نسبة السكر في المرضى بدرجة ملحوظة، وأشار إلى أنهم اختاروا في هذه التجربة عددا من المتبرعين المصابين بمرض السكر لإجراء التجربة العلمية حيث قسم المتبرعين لفئتين قدم فيها للفئة الأولى جرعة من لبن الإبل بمعدل نصف لتر يوميا فيما حجبت عن الفئة الثانية.
كما ثبت أنَّ حليب الإبل يخفض مستوي الجلوكوز وبالتالي يمكن أن يكون له دور في علاج السكري، ومن المدهش أنَّه قد وُجِدَ في لبن الإبل مستويات عالية من الأنسولين وبروتينات شبيه بالأنسولين، وإذا شرب اللبن فإنَّ هذه المركبات تنفذ من خلال المعدة إلي الدم من غير أن تتحطم، بينما يحطم الحمض المعوي الأنسولين العادي، وهذا قد أعطى الأمل لتصنيع أنسولين يتناوله الإنسان بالفم، وتعكف شركات الدواء اليوم على تصنيعه وتسويقه في القريب العاجل، وقد وجد في دراسة حديثة أنَّ مرضى النوع الأول من السكري قد استفادوا حينما تناولوا كوباً من حليب الإبل وانخفض لديهم مستوي السكر في الدم وخفضوا كمية الأنسولين المقررة لهم.
ويقول العلماء أن بول الإبل له خواص علاجية فريدة كونه يحتوي على كمية كبيرة من البوتاسيوم ويحتوي أيضا على زلال ومغنسيوم إذ أن الإبل لا تشرب في فصل الصيف سوى أربعة مرات فقط ومرة واحدة في الشتاء وهذا يجعلها تحتفظ بالماء في جسمها لاحتفاظه بمادة الصوديوم، حيث أن الصوديوم يجعلها لا تدر البول كثيرا لأنه يرجع الماء إلى الجسم، ومعروف أن مرض الاستسقاء ينتج عن نقص في الزلال أو في البوتاسيوم وبول الإبل غني بالاثنين معا.
تقوم بعض الشركات العالمية باستخدام بول الإبل في صناعة أنواع ممتازة من شامبو الشعر وان أفضل أنواع الإبل التي يمكن استخدام بولها في العلاج هي الإبل البكر.
في الأقسام العلمية بكلية التربية للبنات بجدة قامت الدكتورة أحلام العوضي بالتعاون مع الدكتورة ناهد هيكل بإجراء بحث وتحقيق استخدمتا فيه بول الإبل للقضاء على فطر (A.niger) الذي يصيب الإنسان والنبات والحيوان، وكانت تلك هي نقطة البداية للدكتورة أحلام العوضي في التوصل لاكتشافات علمية وتسجيل براءة اختراع في استخدام بول الإبل في علاج الأمراض الجلدية وفي مكافحة الأمراض بسلالات بكتيرية معزولة من بول الإبل.
وبدعم من الدكتورة أحلام العوضي قامت توصلت الباحثة منال القطان إلى تحضير مضاد حيوي تم تركيبه من بول الإبل وهو أول مضاد حيوي ُيصنع بهذه الطريقة على مستوى العالم، وهو فعال في علاج الأمراض الفطرية وأثبتت الدراسة بأن المستحضر يعد مضادا حيويا فعالا ضد البكتريا والفطريات والخمائر مجتمعة