محتويات المقال
مقدمة
نحل العسل من الحشرات الاجتماعية التي تعيش في طوائف تتألف أفرادها من ملكة واحدة وعدة مئات من اليعاسيب (الذكور) وعدد كبير من العاملات (الشغالات) يتراوح عددها بين (15000-80000) ألف حسب قوة الطائفة وقد يزيد عددها أحيانا عن 100 ألف عاملة، وجميعها تعيش في مسكن واحد يسمى خلية تحتوي على عدد من الأقراص الشمعية يتناسب وقوة الطائفة نفسها، وهذه الأقراص قد تحتوي على عسل وحبوب لقاح أو على حضنة (خِلفة) في أطوار مختلفة مثل بيض – يرقات – عذارى.
تعيش جميع أفراد طائفة نحل العسل معيشة تعاونية مع بعضها ولا يمكن أن تعيش ملكة بدون شغالات ترعاها وترعى البيض الذي تضعه كما لا تستطيع شغالات النحل المعيشة بدون ملكة لأنها إناث عقيمة ولن تضع بيضاً مخصباً ينتج منه شغالات وملكات، أما عدم وجود الذكور أثناء خروج الملكات العذارى سيؤدي إلي عدم تلقيحها وبالتالي ستضع بيضاً غير مخصب ينتج منه ذكوراً فقط وبالتالي ستؤول الطائفة إلي فناء.
ويمكن الحديث عن كل فرد من الأفراد المكونة لخلية النحل بشيء من التفصيل…
الملكة (Queen)
هي أم الطائفة وملكتها الوحيدة يتم الاعتناء بها عناية خاصة و يقدم لها غذائها الخاص الذي يصنعه النحل لأجلها إذ لا توجد في الخلية سوى ملكة واحدة تتمتع بحجم أكبر من اليعسوب تعمر من 3 إلى 5 خمس سنوات، لكن العمر المجدي لها سنتان، لا تقوم الملكة بأي عمل سوء وضع البويضات، وهي بذلك تكون مسئولة عن زيادة عدد أفراد الخلية، و كذا المحافظة على السلالة من الانقراض، وجميع أفراد الخلية هم في الغالب أبناء لها.
للملكة وظيفة أخرى لا تقل عن المهمة الأولى من حيث الأهمية، فوجود الملكة ضروري جدا لبقاء الخلية وهو سبب التفاف النحل، فهو يلتف أولاً وأخيراً حول ملكته ويطير حيث ما طارت ويسكن حيث ما سكنت، فهي أهم عامل في استقرار الخلية، وإذا ماتت الملكة فان الخلية تصاب بخلل كبير في تركيبتها الاجتماعية الداخلية، وهو ما ينعكس سلبا على أداء النحل بشكل عام إذ يشعر النحل بغياب الملكة، حيث أن الملكة عادتاً ما تفرز مادة يتناقلها جميع أفراد الخلية في ما بينهم، وهو ما يعطيهم جميعا ثقة بوجود الملكة أما في حالة غيابها فان هذه المادة تكون مفقودة، و هو ما يجعل النحل يعيش في حالة من الاضطراب ومن ثم فهو يجتهد في تربية ملكة جديدة وغالبا ما يتشرد أفراد الخلية وبالتالي فناء خلية النحل.
تملك الملكة آلة لسع غير مشرشرة ولا تلسع إلا ملكة مثلها ولأنها مشرشرة فأن الملكة لا تموت بعد اللسع مثلما يحدث للشغالة، وتفرز الملكة عند لسعها مادة تعمل على تثبيط مبايض الشغالات لمنعها من الإباضة.
اليعسوب (Drone)
اليعسوب هو الذكر ويعيش 3 أشهر وأهو اكبر حجماً بقليل من العاملة، واليعاسيب (جمع يعسوب) لا تقوم بأي عمل على الإطلاق داخل الخلية بل أنها لا تقوم حتى بإطعام أنفسها فقد تشرف على الهلاك جوعاً إذ لم تقدم لها العاملات الطعام فحياتها داخل الخلية مليئة بالكسل والخمول والتواكل لكن دوام الحال من المحال فمجتمع النحل مجتمع إنتاج لا يقبل بين صفوفه إلا المنتجين و بدون أي محاباة أو محسوبية، فما إن تخرج الذكور لتلقيح الملكة, حتى تقلب العاملات لهم ظهر المجن فكل يعسوب يعود إلى الخلية يلاقي مصيراً رهيباً بانتظاره فسرعان ما تهاجمه مربياته التي كانت تبذل قصارى جهدها في تربيته وتدليله وتمزقه اربأ فقد انتهى دوره الذي من أجله وجد وما عادت له فائدة أو عمل يقوم به, فلا بد من قتله وقد تلاقي اليعاسيب المصير نفسه لكن بطريقة أكثر رحمة من الأولى وذلك حين يحل فصل الشتاء حيث يقل الطعام داخل المملكة وتسوء الأحوال الجوية فيتعذر على العاملات الخروج لجلب الطعام وتعلن حالة الطوارئ في أرجاء المملكة وتطرد العاملات برنامج تقشف شديد للحفاظ على ما بقي من موارد غذائية وتكون اليعاسيب أولى ضحايا هذه البرنامج التقشفي وتسارع العاملات إلى طرد اليعاسيب خارج الخلية لكي توفر طعامها إذ سرعان ما تهلك جوعاً وهكذا يحل الهلاك باليعاسيب, لكنه هلاك (رحمة) فلا عنف ولا تقطيع.
اليعسوب ليس له آلة لسع؛ وأجزاء فمه قصيرة ليس له سوى وظيفة واحدة هي تلقيح الملكة لذا يجب أن يكون قوياً خصباً لإنتاج ملكات ملقحة خصبة
الشغالة (Worker)
وهي الأنثى.. وتشكل السواد الأعظم من سكان خلية النحل، جهازها التناسلي غير متكامل وتتمتع بأجزاء فم طويلة لجمع الرحيق وأرجل خلفية لجمع حبوب اللقاح تعيش ما بين (1.5 – 5) أشهر، لكن دورة حياتها (21) يوماً، على جسم الشغالة يوجد مجموعة من الغدد المُفرزة تساعدها هذه الغدد على فرز المادة السمية بعد اللسع وفرز الغذاء اللازم للحضنة وفرز أنزيم يحول السكريات الثنائية إلى سكريات أحادية وفرز رائحة خاصة بكل أفراد الطائفة وذلك لتمييز أفراد طائفتها وعدم دخول نحل غريب إلى الطائفة.
ولهذه الشريحة من النحل أساليب عجيبة، فهي عندما تحس بتغير المكان مثلاً إذا نقل النحال خلايا النحل إلى مكان أخر بعيد عن مكان وجوده الأول، فان شريحة العاملات في هذه الخلية ترسل مجموعات من النحل للاستطلاع واكتشاف الأرض والمراعي الجديدة، وعند عودة نحل الاستطلاع هذا إلى خلية فانه يحاول إعطاء النحل في الخلية خارطة يحدد بموجبها موقع المراعى المستهدفة، حيث يستعين في تحديد موقع المراعي باتجاه الشمس، و يتم التفاهم ما بين النحل عن طريق بعض الرقصات التي تعتبر من لغة النحل والتي يتم بموجبها إيصال الرسالة على أكمل وجه.
وإذا زاد عدد العاملات في الخلية بحيث أدى ذلك إلى ازدحام الخلية، فأن النحل يلجئ إلى تربية ملكة جديدة، وبعد نضوج الملكة الجديدة ترحل الملكة القديمة مع جماعات من الجيل الجديد من العاملات إلى مكان أخر، وبذلك تتكون خلية جديدة.
الشغالة تملك آلة لسع تدافع بها عن طائفتها وتدفع حياتها ثمناً لذلك بعد اللسع نظراً للآلة المسننة والمشرشرة التي تملكها (سهلة في دخول الجسم ومن الصعب إخراجها).
مهام ووظائف الشغالة
دلت الأبحاث على أن المهام التي تنجزها النحلة العاملة تتباين منذ ولادتها وحتى موتها، فكلما زاد عمرها وشاخت، حدث فيها تحولات فسيولوجية دقيقة تتوافق مع العمل الذي يتوجب عليها أداؤه، لذلك فأن النحلة تقوم بإعمال كثيرة رغم فترة حياتها القصيرة، وتكرس الشغالة النصف الثاني من حياتها لجمع الرحيق وحبوب الطلع.
تعمل الشغالة في الأسابيع الثلاثة الأولى من حياتها ضمن الخلية، فخلال اليومين الأول والثاني التاليين لخروج النحلة الكاملة، تقوم الشغالة الفتية بتنظيف خلايا الحضنة بدقة متناهية، فتخصص كلياً للقيام بأعمال النظافة، وبحلول اليوم الثالث، تبدأ الشغالة مهمة جديدة هي تغذية الحضنة، فعندها يحدث تطور ملحوظ في الغدد البلعومية المغذية التي تفرز الغذاء الملكي الذي يستعمل في تغذية جميع اليرقات الفتية واليرقات الملكية، وعندما يحل اليوم العاشر، تتدهور غددها المغذية وتضمر في الوقت الذي تصبح فيه الغدد الشمعية على أتم الاستعداد لأداء وظيفتها، وبدءاً من اليوم الحادي عشر، تتجه الشغالات نحو مهنة جديدة، هي مهنة البناء، فتصنع الشمع وتبني الإطارات وتسد النخاريب التي تخزن العسل.
وعند بلوغها اليوم الخامس عشر تتولى حراسة المملكة تراقب فتحة الخلية وتمنع كل دخيل، وتبقى في هذه المهمة يومين أو ثلاثة، ثم تقوم بعدها بوظائف أخرى منها ما يتعلق بتوفير التهوية، وتدفئة الخلية حيث تحافظ على درجة حرارة قريبة من (35ْم) خلال الصيف، وهناك من الشغالات من تقوم بإنضاج الرحيق.
عندما يحل اليوم الحادي والعشرون تكون النحلة الشغالة قد أنجزت جميع المهمات التي أوكلت إليها في الخلية، وعند ذلك تصبح على استعداد لإنجاز أخر وأطول مهمة لها ألا وهي مهمة جمع الرحيق وغبار الطلع من خارج الخلية وتودع الدنيا بعد ذلك بأسبوعين ونصف أسبوع تقريباً بعد إن تكون قد أتمت مهمتها ودورها على أتم وجه.