أول ما تقوم به الملكة الجديدة ضمن استعدادها لرحلة الزفاف، وهو قتل منافساتها من الملكات، وإذا تصادف أن خرجت ملكتان في آن واحد، فإنه يحدث بينهما نزال ينتهي بموت إحداهما وبعد أسبوع من الاستعداد تبدأ مراسم الزفاف الملكي تغادر الملكة وتحلق فوقها من عدة جهات, كي لا تخطى الرجعة إليها بعد الانتهاء من عملية التلقيح ثم تقوم بإرسال أنغامها الرنانة المغرية وتبث عطرها الملكي الجذاب المثير، وتعجز اليعاسيب عن المقاومة وتسلم أمورها إلى الملكة وهكذا تتدافع مسرعة إلى بوابة الخلية فتعلن بدء مراسم الزفاف ويبدأ الطيران
وتفرد الملكة أجنحتها القوية وتنطلق في الفضاء كالسهم وتلحق بها اليعاسيب بنشاط وعزيمة وكلما أوشك إحداها على اللحاق بها زادت سرعتها وارتفاعها في الفضاء ويصيب اليأس مجموعة من اليعاسيب إذ لا أمل لها باللحاق بها فتقرر التخلي عن المطاردة وتعود إلى الخلية وينطلق بعضها خلف الملكة ويتساقط واحد تلو الأخر ولا يبقى معها إلا قلة من اليعاسيب وترميها الملكة بأخر سهامها فتنطلق بأقصى سرعة تستطيعها ويظفر بها أقواها بنية واجلدها على تحمل المشاق والصعوبات ويتم تلقيحها وتنتهي مراسم الزفاف الملكي بعد (15 – 35) دقيقة من بدئها.
تعود الملكة العروس جارة خلفها تركة عريسها الفقيد، الدالة على نجاح الزفاف، إذ ينفصل عضو التذكير، ومعه جزء من أحشاء الذكر المسكين فور الانتهاء من التلقيح، وينـزف اليعسوب حتى الموت، وتعم الفرحة أرجاء المملكة، وتبدأ العاملات بتجهيز عيون شمعية جديدة استعداداً لوضع البويضات فيها، ويقدر العلماء أن الملكة تضع حوالي (200 – 250) ألف بويضة في الموسم الواحد، وتترك وراءها قرابة مليون بويضة قبل أن تخطفها يد المنون.
ما الحكمة من هذه الرحلة الخطرة التي تقوم بها الملكة؟.. ولماذا يستلزم الزفاف وجود مائتي ذكر؟..
الحقيقة أن أحد الذكور المائتين سيكون أباً لجميع نحل الخلية التي ستظهر خلال سنوات أربع أو خمس قادمة، فلو كان الذكر ضعيفاً أو ذا صفات وراثية غير جيدة، لأدى ذلك لانقراض المملكة خلال شهورها الأولى.
“صنع الله الذي أتقن كل شيء” (النمل: آية 88).