من المعروف أن ألبان الإبل لها قيمة غذائية وعلاجية مذهلة، وهناك الكثير من الناس ذكروا قصص عن مرضى عجز الطب عن علاجهم من أمراض عديدة بما فيها السرطان وبتوفيق من الله تعالى تم شفاؤهم باستخدام ألبان الإبل وأبوالها، وصدق الله العظيم إذ يقول (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت)، وقد أكد العلماء والمختصين أن ألبان الابل هي الأفضل من حيث ثرائها بمكونات الغذاء وسلامتها تماماً، وقديماً أشار الرسول صلى الله عليه وسلم لفوائد ألبان الإبل مع أبوالها وحث على استخدامها، وذكر الأطباء المسلمين القدامى ألبان الإبل وأبوالها وفوائدها العديدة، وعلى هذه الصفحة من موقع العلاج يقدم الدكتور سليم طلال بعض المعلومات المهمة عن ألبان الإبل وأبوالها والفوائد المذهلة التي تذخر بها.
ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لها:
عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِي الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ يَعْنِي الابِلَ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَسَاقُوا الإبلَ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ فَجِيءَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ. رواه البخاري
– قال القزاز اجتووا أي لم يوافقهم طعامها وقال ابن العربي داء يأخذ من الوباء وفي رواية أخرى استوخموا قال وهو بمعناه وقال غيره داء يصيب الجوف وفي رواية أبي عوانة عن أنس في هذه القصة فعظمت بطونهم .
العرب واستخدامهم ألبان الإبل وأبوالها في العلاج:
يُشير الدكتور محمد مراد المختص في مجال الطب والصحة إلى أنه في الماضي البعيد استخدم العرب حليب الإبل في معالجة الكثير من الأمراض ومنها أوجاع البطن وخاصة المعدة والأمعاء ومرض الاستسقاء وأمراض الكبد وخاصة اليرقان وتليف الكبد وأمراض الربو وضيق التنفس ومرض السكري، واستخدمته بعض القبائل لمعالجة الضعف الجنسي حيث كان يتناوله الشخص عدة مرات قبل الزواج إضافة إلى أن حليب الإبل يساعد على تنمية العظام عند الأطفال ويقوي عضلة القلب بالذات، ولذلك تصبح قامة الرجل طويلة ومنكبه عريض وجسمه قوي إذا شرب كميات كبيرة من الحليب في صغره•
وقد قال الرازي في لبن الابل: “لبن اللقاح يشفي اوجاع الكبد وفساد المزاج”، وقال ابن سينا في كتاب القانون: “ان لبن النوق دواء نافع لما فيه من الجلاء برفق وما فيه من خاصية، وان هذا اللبن شديد المنفعة فلو ان انسانا اقام عليه بدل الماء والطعام شفي به، وقد جرب ذلك قوم دفعوا إلى بلاد العرب فقادتهم الضرورة إلى ذلك فعفوا”.
وفي تذكرة الأنطاكي يشير إلى أن الإبل ترعى النباتات الصحراوية كالشيح والقيصوم، ولهذا فألبان الإبل تعالج الكثير من الأمراض وشربها على الريق يساعد على تصريف السوائل المتجمعة في حالة الاستسقاء، ومن الأفضل استخدامها مع أبوال الإبل لزيادة القوة والتأثير العلاجي ويمكن أن يؤخذ مقدار ثلاثة ملاعق طعام من بول الناقة ويفضل أن تكون بكراً وترعى في البر ثم يخلط مع كاس من حليب الناقة ويشرب على الريق.
وفي أثر عن الشافعي رضي الله عنه أورده السيوطي في المنهج السوي والمنهل الروي يقول: “ثلاثة أشياء دواء للداء الذي ليس لا دواء له، الذي أعيا الأطباء أن يداووه: العنب ولبن اللقاح وقصب السكر، ولولا قصب السكر ما أقمتُ بمصر”.
ألبان الإبل:
حليب النواق يشكل الغذاء الأساسي اليومي للكثير من البدو في كثير من المناطق، وبجانب كونه غذاء صحي كامل ومتوازن فهو يحتوي على كثير من الفوائد العلاجية، ولذلك يلاحظ أن الأشخاص الذين يشربون حليب الإبل منذ صغرهم أكثر صحة وشباب من غيرهم ويتميزون بحيوية متدفقة، كما أن أعداد المسنين والمعمرين في مثل هذه المناطق في ازدياد واضح.
في العادة يكون لبن الناقة أبيض مائلا للحمرة وإذا رج هذا الحليب تتكون رغوة فيه ولو لفترة بسيطة، ومذاق لبن النواق حلو لاذع إلا أنه قد يكون في بعض الأحيان مالحا أو قريباً لمذاق المياه، وفي بعض البلدان لا يقبل الناس على حليب الناقة بل يرفضونه بسبب مذاقه هذا، وترجع التغييرات في مذاق الحليب هذا إلى نوع الأعلاف التي تأكلها الناقة أو النباتات الرعوية التي ترعاها ومياه الشرب التي تتناولها.
ويشير الدكتور سليم طلال الأغبري إلى أن أهم المزايا التي تخص حليب الناقة دون غيره من ألبان الحيوانات الأخرى هو امتلاكه لمركبات ذات طبيعة بروتينية كالليزوزيم ومضادات التخثر ومضادات التسمم ومضادات الجراثيم والأجسام المانعة وغيرها، وهذه المضادات تمتلك خصائص مقاومة التجرثم، وخلال فترة محددة من الزمن تعرقل هذه الأجسام تكاثر الأحياء الدقيقة في حليب الناقة، ولهذا فهو لا يتجبن أو يصعب تجبينه أحيانا، وهكذا فهو يتميز عن حليب أو ألبان بقية الحيوانات الأخرى بإمكان حفظه لمدة طويلة في حالة طازجة، وبسبب ارتفاع مقدرة حليب الناقة على مقاومة التجرثم فإن الحموضة لا تسرع إليه وتتزايد بشكل بطيء، وعند حفظ الحليب بدرجة حرارة أعلى من 10 درجة مئوية فإن الحموضة الطبيعية فيه تبقى على حالها مدة 3 أيام.
ومن خلال الأبحاث العلمية اتضح أن الكثافة النوعية لحليب الناقة هي أقل من الكثافة النوعية لألبان الأبقار والأغنام، ويصل محتوى الماء في حليب الناقة بين (84 % – 90 %) وهذا ما له أهمية كبيرة في الحفاظ على حياة صغار الإبل والسكان الذين يقطنون المناطق القاحلة والجافة، وفي هذه المناطق يحتاج صغار الإبل والناس إلى السوائل للمحافظة على الاتزان البدني والتعادل الحراري في أجسامهم، ويختلف محتوى الماء في حليب الناقة ويتأثر تبعا لمدى توافر مياه الشرب والبيئة التي يعيش فيها الحيوان ومدى توافر واحتواء الأعلاف أو النباتات الرعوية من الماء
بول الإبل:
يقول العلماء أن بول الإبل له خواص علاجية فريدة كونه يحتوي على كمية كبيرة من البوتاسيوم ويحتوي أيضا على زلال ومغنسيوم، والإبل لا تشرب في فصل الصيف سوى أربعة مرات فقط ومرة واحدة في الشتاء وهذا يجعلها تحتفظ بالماء في جسمها لاحتفاظه بمادة الصوديوم، حيث أن الصوديوم يجعلها لا تدر البول كثيرا لأنه يرجع الماء إلى الجسم، وبول الإبل يسميه أهل البادية (الوَزَر) وطريقة استخدامه بأن يؤخذ مقدار فنجان قهوة أي ما يعادل حوالي ثلاثة ملاعق طعام من بول الناقة ويفضل أن تكون بكراً وترعى في البر ثم يخلط مع كاس من حليب الناقة ويشرب على الريق.
بعض من فوائد ألبان الإبل وأبوالها:
ألبان الإبل تحافظ على الصحة العامة للإنسان ولها الكثير من الفوائد الغذائية والعلاجية، فهي تحتوي على كمية كبيرة من الكالسيوم وعلى مواد تقاوم السموم والبكتريا ونسبة كبيرة من الأجسام المناعية المقاومة للأمراض، كما توصل العلماء إلى أن بول الإبل يشفي من طائفة من أمراض الجهاز الهضمي وعلى رأسها التهاب الكبد.
ويستخدم حليب الناقة لعلاج الاستسقاء واليرقان ومتاعب الطحال والسل والربو وفقر الدم والبواسير، كما ثبتت فائدته في علاج السل وأمراض الصدر الأخرى، وقد أنشئت عيادات خاصة يستخدم فيها حليب الناقة لمثل هذه المعالجات.
ووضحت بعض البحوث أن لبن الإبل له خصائص تؤدي إلى تخفيف الوزن، كما أنه سهل الهضم في الجسم ومناسب للمرضى والشيوخ والأطفال والنساء الحوامل نظرا لغنى تركيب هذا الحليب بالكثير من المركبات وبخاصة الحموض الدهنية والمواد البروتينية والفيتامينات، والدراسات أثبتت أن ألبان الإبل مهمة ومفيدة لتكوين العظام.
واستخدمت أبوال الإبل وخاصة بول الناقة البكر كمادة مطهرة لغسل الجروح والقروح ولنمو الشعر وتقويته وتكاثره ومنع تساقطه، وكذا لمعالجة مرض القرع والقشرة، ويقال ان في دماء الإبل القدرة على شفاء الإنسان من بعض الأمراض الخبيثة.
وقيل ان حليب الإبل يحمي اللثة ويقوي الأسنان نظرا لاحتوائه على كمية كبيرة من فيتامين ج ويساعد على ترميم خلايا الجسم لأن نوعية البروتين فيه تساعد على تنشيط خلايا الجسم المختلفة.
تشير النتائج الأولية لبحوث أجراها بعض الخبراء والعلماء أن تركيب الأحماض الأمينية في حليب الابل تشبه في تركيبها هرمون الانسولين ولذلك فحليب الجمال مفيد لمرضى السكري، كما أن نسبة الدهن في لحوم الإبل قليلة وتتراوح بين (1.2% – 2.8%)، وتتميز دهون لحم الابل بأنها فقيرة بالاحماض الامينية المشبعة، ولهذا فان من مزايا لحوم الجمال أنها تقلل من الإصابة بأمراض القلب عند الإنسان.
كذلك أفادت الأبحاث العلمية أن وظائف الكبد تتحسن كثيرا عند المرضى الذين أصيبوا بالتهابات الكبد وعولجوا بحليب الناقة، كما أن مرض الاستسقاء الذي ينتج عن نقص في الزلال أو في البوتاسيوم يعالج باستخدام بول الإبل الغني بالزلال والبوتاسيوم.
بعض الشركات العالمية تستخدم بول الإبل في صناعة أنواع ممتازة من شامبو الشعر، وأفضل أنواع الإبل التي يمكن استخدام بولها في العلاج هي الإبل البكر.
طريقة استخدام ألبان الإبل وأبوالها:
لبن الناقة ليس مانحاً للقوة فقط ولكن للصحة أيضاً وأثبت البحث العلمي الحديث العديد من المزايا فريدة لألبان الإبل، ويشير الدكتور سليم طلال إلى أنه في حال القدرة على توفيرها يومياً يمكن شربها بأي طريقة وفي أي وقت، ولكن من الأفضل شربها صباحا على الريق أو بعد وجبة إفطار خفيفة، كما يمكن شربها أيضاً قبل النوم مع ملعقة من عسل النحل للتمتع بنوم هادئ وصحة جيدة، كما يمكن أن يشرب لبن النوق مضاف له من (3 – 7) قطرات من أبوالها حسب الاستطاعة والقدرة.
وفي حال الإصابة بالأمراض والمشاكل الصحية فينصح المريض أن يشرب لبن الإبل بالغداة ولا يدخل عليه شيئًا، ويجب عليه الراحة التامة بعد شربه، ولبن الإبل الطازج الحار أفضل شيء لتنظيف الجهاز الهضمي ويعتبر أفضل المسهلات، وينتشر بين البدو أنَّ أي مرض في الداخل يمكن أن يعالج بلبن الإبل.